عشقٌ شنكاليّ
-1- مُسافر
أنا غيم مسافر
أحمل معي أشواقي وكلماتي
أحوم بفضاءات سماء قصتنا
فأحط أينما تكونين
متجاوزا شموخ الجبال وعنفوانه
وأصير قوس قزح يتلألأ عندما تشرقين
ما بين زخات المطر الهادئة وبيني
فتستعد سنابل القمح
ومعها ربيع يوم الأربعاء للرقص فرحة
لتبتسم الشقائق وتزهو بنا
ثم نلتقي .. أنا وأنتي
في ليلة زمهرير غاضب من أيام شباط
ونمد أيدينا فتتحاور النظرات
وتجتاح المشاعر كل الحواجز
لنحضن بعضنا ونحس بروعة الحالة ودفئها
هكذا يفعل الحب عندما يريد ان يكون
-2- حكايات شنكالية
أنا شنكال
أسرد حكايات المحبين
فيتعرف الناس على خنصى و رشو**
ويلعن التاريخ حافظ باشا
وكل الجلادين والسفاحين
عندما ينادي الشنكالي، بأعلى صوته :
اترك غزالتي الأسيرة يا حافظ باشا
********************
وأنا حفيد ذلك الشنكاليّ ..
أنا العشق في شنكال وقد أهان
لكني أرفض وأصرخ بصمت
وأدوّن بصمت لأحجار جبل عنيد وللأجيال
أنا بركان.. بركان من الحب
وثائر تواق للعيش بسلام
لا أطمح بما ليس لي
ولا أتعدى حدود شغفي بلقائكِ
-3- صفحاتنا وصفحاتهم
أقلب صفحات ملاحم الهوى
لأجد دوريش عفدي الشرقي***
يشرب الفنجان من يد عدلى باشا
يمتطي صهوة فرسه ويصول في الميدان
حتى أصل صفحات لبعضهم
لا أجد فيها إلا عناوين
متجردة من كل شيء.....
يحاولون فيها العبور على مأساتي
فتدعوني الحالة للشفقة
على من يتلذذ بآلام الآخرين
حينما أعشق يا حبيبتي ..
كل الأسباب والدلائل تشهد معي
التاريخ والحاضر
والبؤس والحجارة وحبي لكِ
كل هذه الأمور تقف معي
شاهدة لعشقي العذري
فأين هم من هذياناتهم
ومن عشقي لعينيك يا حبيبتي
-4- الحب في شنكال
وتشهد مشاعل نوروز آذار****
فتعلن انتصار حبنا
كل من أتى وقَدِم من حُكّامٍ طغاة
وسفاحين وجيوش جبارة
وإرهاب وكُتَّاب مأجورين
ومسرحيو التشهير والتكفير
انقرضوا وضاعوا ..
ما بين عناد الحجارة في سولاخ وكةرسى
وبين حبي لك وعشقي لعينيكِ يا حبيبتي
ليس لأحد الحق بإذلالي
والصعود على أعتابي
فأنا الصرخة.. أنا العشق
أنا هو نوروز، وأنااااا الحب في شنكال
____________________________________
*شنكاليّ : نسبة الى شنكال وتسميتها العربية = سنجار، مدينة واقعة غرب الموصل وأفراد سكانها من أبناء الديانة الايزدية .
يوم الأربعاء : يُقصد به يوم الأربعاء من الاسبوع الثاني لشهر نيسان في كل سنة ويسمى بالأربعاء الاحمر (جوار شةمبوا سور )، يحتفل فيه الأيزديين وتقام الدبكات والأفراح بمناسبة تكوين الكون بما فيها الأرض حسب الميثولوجيا الأيزدية، حيث يخرجون للبراري خارج القرى مبتهجين بالربيع وجماله المزهو بزهور شقائق النعمان الحمراء وأبرز ما يميز هذا العيد لدى الأيزديين تلوين البيضة المسلوقة بالألوان السبعة دلالة على الألوان الأساسية السبعة في الكون وكروية الأرض .
**خنصي و رشو : بطليّ ملحمة عشق من الفلكلور السنجاري، وهما من عشيرة القيران بقرية حيالي جنوب جبل سنجار .
حافظ باشا : أحد قادة العثمانيين في زمن السلاطنة، شن حملة عسكرية شرسة على الأيزديين في جبل سنجار وذلك في صيف 1837م، وكان جبارا مخيفا جاء الى الجبل وهو عازم على قطع جذور هؤلاء الايزديين وإبادتهم وقد اظهر من الشدة والقسوة ما لم يفعله أي انسان يحمل ذرة من الشعور ليس لشيء الا لأن أهالي سنجار كانوا على دين تختلف عقيدتهم عن ديانة حافظ باشا المسلم((مأساة الايزيديين – من تأليف: د.عدنان زيان فرحان، قادر سليم شمو )) .
غزالتي : نسبة الى فتاة سنجارية اسمها غزال، تم أسرها أثناء حملة حافظ باشا الظالم بحق سنجار وأهلها، فأخذ ابن عمها يرثيها، ينادي ويستغيث حافظ باشا بأن يطلق سبيلها حتى أصبحت مرثية مميزة في غناء الفلكلور السنجاري وما زال الفنانين والحكواتيين في سنجار يستذكرون غزال السنجارية في حوادثهم .
***دوريش عفدي الشرقي : من الشخصيات الملحمية في تاريخ وتراث الكورد الايزديين،أحبَّ في زمنه عدلى ابنة زور تمر باشا المللي من الكورد المسلمين ونشأت بينهما قصة حب عظيمة ما زال العشاق يتغنون بها، وملحمة عشقهما يفتخر بها الكورد على تنوع أطيافهم ودياناتهم كونها كانت قصة حب طاهرة وحقيقية، بعيدة عن الزيف والتأليف المبتكر، وبعيدة عن الرغبة والهدف في نيل احدهما من ديانة الآخر والتقليل من الرموز الدينية او التعرّض اليها. تحدى فيها العاشقين كل الظروف المحيطة بهما ولاسيما اختلاف عقيدتهما الدينية، لكنهما لم يتزوجا لأن دوريش قُتِل في احدى المعارك القبلية عندما هبَّ لمناداة تمر باشا رئيس عشائر المللين ومن ضمنها عشيرة الدنان والشرقيان وذهب لساحة المنازلة مع أعداء الملليين، حيث لم يَعُد حبيبُ عدلى من ساحة المنازلة تلك حيا، حتى انتحرت هي الأخرى حزينة على فقدان حبيبها .
****نوروز : عيد قومي للكورد بكل أطيافه، يحتفلون به في شهر آذار من كل سنة حيث يعتبر نوروز بداية سنة جديدة للأكراد .
سولاخ ( solakh) : منطقة سياحية في سنجار تقع في الجانب الجنوبي من جبل سنجار، كةرسى ( kersi ): منطقة سياحية تقع في الجانب الشمالي من جبل سنجار .
مصطو الياس الدنايي / سنونى
30 / 1 / 2011