إن إيزيد هو اسم من أسماء الله تعالى باللغة الكردية القديمة التي تبلغ الف اسم واسم منها (ايزيد – أزد – أزدا – إيزي – إيزدي – أزدام – يزد - هوما – هاي – هومان – خودا...الخ)1.
جاء في حديث ألف اسم واسم (qewlê hezar û yek nave ) ما يلي:
Siltan Êzî bi xwe padşaye
Hezar û yek nav li xwe danaye
Navê mezin her xwedaye
أي: السلطان إيزي هو الملك بعينه
سمّى نفسه بألف اسم واسم
الاسم الأكبر هو (خودا)
Padşê min hezar û yek nave
Ev dinya li ba wî seet û gave
Padşê min zane li behra çend keşkûl ave
Li besta çend kevir li nave
Ewî Hewa kir bûk، Adem kir zave
أي: مولاي له ألف أسم واسم
هذه الدنيا لديه لحظة (برهة)
هو يعلم كم نقطة ماء في البحار
وكم حجراً على وجه الأرض
هو من جعل حواء عروساً وجعل من آدم عريساً.
من هنا يتضح لنا مباشرة مدى ارتباط الإيزيدية بفكرة وعقيدة التوحيد التي لاتقبل النقاش حول وحدانية الخالق جلّ جلاله، وعندما كان شعوب الجوار يصنعون التماثيل بأيديهم ومن ثم يعبدونها (حتى أن البعض كانوا يصنعون تماثيل آلهتهم من التمور، وعندما كانوا يجوعون كانوا يأكلون تلك التماثيل) كان الإيزيديون يعبدون الله، ويتوجهون في صلواتهم الى الشمس التي يرون أنها نور الخالق، والإيزيديون يحاولون قدر الإمكان أن لايكون هناك حاجزاً بينهم وبين الشمس حين يؤدون صلواتهم.
وفي الآونة الأخيرة اكتشف السيد لوفريه نابو الخبير بالآثار واللغات السومرية – البابلية بأن كلمة (إي- زي - دي ) على الرُقم الطيني الذي وجد في بورسيبا حيث معبد إيزيدا، تعني: الروح الخيرة وغير الملوثين والذين يمشون على الطريق الصحيح.
فمن حديث العرش Qewlê TEXTA نقرأ:
Textê lê dibû siltane
Pedşayê min tarî û ronayî dane erd û ezmane
Xasa pê bestibû îmane
العرش الذي يجلس عليه السلطان
الهي وهب النور للأرض والسماء
أهتدى المؤمنون بذلك النور
Pedşayê min nav textê xo êkî ekbere
Ji ba wî di êyin nûr û nedere
Pedşayê min yî xuyaye li hemû dere
الهي لايضاهيه أحد على العرش
من لدنه يأتي النور والرؤيا
الهي لايخلو مكان منه
طاووس ملك ومكانته في الديانة الإيزيدية – وقصة السجود لآدم
آمن الإيزيديون بالله و بالملائكة السبعة الذين خلقهم الله من نوره وأوكل لكل منهم مهمة خاصة، ويعتقد الإيزيديون أن الله أمر طاووس ملك بمحاولة اقناع وإخراج آدم من الجنة لكي يتكاثر البشر، وبهم تزدان الأرض ويعبدون الله.
وفي قصة عدم سجود طاووس ملك لآدم فللإيزيدية رأي مخالف لآراء أصحاب الديانات الأخرى (نؤكد هنا بأن الإيزيديين يحترمون كافة الأديان والمعتقدات ولايفرضون رأيهم على الآخرين، وعلى أساس كما خلقك الله فقد خلقني أنا أيضاً، والدليل هو ماجاء في القرآن الكريم: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباٌ وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير – الحجرات 13)، وأيضاً: (لكل منكم جعلنا شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون – المائدة 48)، وأيضاً أليس الله هو القائل: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا – النحل 36 )، وأيضاً هو القائل: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم – ابراهيم4).
فالكلام الوارد في القرآن الكريم واضح وجلي ولالبس ولاغموض فيه وهو كلام رب العالمين، ويبين بكل وضوح، أن الله جلّ شأنه، خلق المئات من الشعوب والقبائل، والعديد من اللغات المختلفة، والإيزيدية لاتقول بأن الإيزيديين وحدهم سيدخلون الجنة، بل تقول أن كل من يعمل صالحاً فسيدخل الجنة مهما كانت ديانته أو لغته، فكل الأديان وكل اللغات هي من عند الله، وأن الله هو من خلقهم جميعاً، سواسية لافرق بينهم في الحقوق والواجبات، وبعد أن ينزل الإنسان في تلك الحفرة التي تسمى القبر سيلقى جزاءه من الخالق الكبير، وهذا يفرض علينا جميعاً أن نحب ونحترم بعضنا، وأن لانحاسب الآخرين على معتقداتهم، لأننا بذلك نرتكب الآثام، ونزرع الأحقاد، فالمحاسب هو الله وحده، وعلى كل شخص مهما كانت ديانته أو مذهبه أن يتخلى عن فكرة (إحتكار الله مذهبياً وعصبوياً وتحزيباً، وأن يعودوا الى إيمانهم بأن الخلق كل الخلق هم عيال الله، كما يقول الدكتورعبدالرزاق عيد).
نعود الى قصة السجود لآدم عليه السلام، حسب العقيدة الإيزيدية: فقد أمر سبحانه تعالى الملائكة بأن يسجدوا لآدم (وكان القصد من وراء ذلك هو اختبار للملائكة في تنفيذ أوامر الخالق) فسجدوا كلهم إلا أزازيل أي طاووس ملك،أبى ولم يسجد، وعندما سأله الله لماذا لم تكن من الساجدين؟ قال: عندما خلقتنا أمرتنا يا ربنا أن لانسجد إلا لك، وأنا لم ولن أسجد لغيروجهك الكريم يا رب. هنا فاز طاووس ملك بالإمتحان، ومكافأةً له، جعله الله رئيساً للملائكة، ووضع في عنقه طوق إيزيد toka Êzîd ليتميز عن غيره.
وتقديراً لمكانة طاووس ملك لدى الإيزيدية، ولكي يتذكره الإيزيديون دائماً فقد أوجدوا سناجق على هيئة طائر، يطاف بها سنوياً بين الإيزيديين، وكان السنجق يبيت في كل قرية ليلة واحدة، ولكثرة عدد الإيزيدية لم يعد يكفيهم سنجق واحد، حيث كانت مناطق الإيزيديين تمتد من سهل حرير الى حلب، ومن منطقة خالتيان في تركيا وحتى أرمينيا، لذا نرى أنه في فترة من الفترات كان للإيزيدية سبعة سناجق / طواويس، وقد عُرف كل سنجق بمنطقة معينة وهي:1- طاووس ئيزي ( Êzî – enzel 2- طاووس سنجار3- طاووس حلب4- طاووس خالتيا 5- طاووس موسكو 6- طاووس تبريز 7- طاووس زوزان. والغاية من الطوافات بالسناجق كانت لتذكير الإيزيديين بديانتهم وبطقوسها لكي لايتأثروا بالأديان الأخرى، وكان القوالون في مراسيم الطوافات ينشدون الأقوال (الأحاديث الدينية) بصحبة ناقر الدف وعازف الشبابة، وكانت تلك الأقوال المترافقة مع الألحان الشجية تدخل المستمع في عالم ساحر وأخّاذ من الإيمان بالله، وفي نهاية كل طوافة كان الإيزيديون يشبعون جوعهم الديني، بالنصائح والإرشادات التي استمعوا اليها من رجال الدين والقوالون.
ولو خضنا في بحر الإيزيدية من خلال مايتلوه القوال أو أي رجل دين منهم، ومن خلال ماتحتويه أحاديثهم الدينية، نرى بأن الإيزيدية تعتقد بأن الخير والشر مصدرهما من الله ذاته، وعلى الإنسان أن يختار أحد السبيلين طريقاً لحياته، لأن الله قد وهب الانسان العقل دون سائر المخلوقات التي خلقها، لذا تراهم دائماً يقولون (xêr û şer ji dergehê Xwedêne أي أن الخير والشر من عند الله)، ويقولون ايضاً: (ya Xwedê xêra bide şera wergerîne أي: يارب أعطنا الخير وابعدنا عن الشر)، وتدّعي بعض التيارات الدينية المتعصبة التي لاتعرف عن الإيزيدية شيء بأن الإيزيديين يقدسون إبليس وهو مصدر الشر، فنحن نؤكد أن ذلك الإدعاء لاأساس له من الصحة، ولسنا هنا في معرض الدفاع عن أنفسنا، فنحن واثقون من أنفسنا ومن عقيدتنا، وهنا نتساءل بل نسأل من يتّهم الإيزيدية بذلك ونقول: إذا كان إبليس هو الشر فلماذا خلقه الله؟، فالإيزيدية ترفض إطلاق صفات غير لائقة على كل الملائكة والأنبياء عامة، وطاووس ملك خاصة، وترفض تسميته بملاك الشر، وهي تعتقد بأن الله قد أوجد قوتين هما قوة الخير وقوة الشر، وبما أن الله قد وهب الإنسان العقل فعليه أن يختار إحداهما سلوكاً وطريقاً لحياته، وإلا فلا فرق بين الإنسان والحيوان (إذا غاب العقل)، فالله قد خلق كل شيء، وأوجد الخير والشر، وإن كنا عقلاء فعلينا أن نبتعد عن الشر ونقوم دائماً بترسيخ أعمال الخير في كل أعمالنا وتصرفاتنا، إذاً العقل هو من يفرّق بين الخير والشر، وهذا بمثابة اختبار دائم للإنسان.
azdahi.....almaniya